تخيَّل عالمًا لا تقتصر فيه الآلات على مهام مبرمجة مسبقًا، بل تعمل باستقلالية وكفاءة تُشبه الذكاء البشري. عالم تُسيِّر فيه العقول الحاسوبية سيارات ذاتية القيادة، وتُجري أبحاثًا علمية معقدة، وتُقدِّم خدمة عملاء مخصصة، بل وتستكشف عوالم غير معروفة.
هذا هو الإمكان الكامن في الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهي تقنية افتراضية يُحتمل أن تُحدث ثورة في كل جوانب الحياة والعمل البشري تقريبًا. ورغم أن الذكاء الاصطناعي العام لا يزال نظريًا، يمكن للمؤسسات اتخاذ خطوات استباقية للاستعداد لقدومه عن طريق بناء بنية بيانات قوية وتعزيز بيئة تعاونية حيث يمكن للبشر والذكاء الاصطناعي أن يعملا فيها بشكل سلس.
الذكاء الاصطناعي العام، يُشار إليه أحيانًا باسم الذكاء الاصطناعي القوي (Strong AI)، وهو نسخة الذكاء الاصطناعي التي تظهر في أفلام الخيال العلمي، حيث تصل الآلات إلى مستوى من الذكاء يُمكِّنها من التعلُّم والإدراك والمرونة المعرفية على غرار البشر. لكن، وعلى عكس البشر، لا يعاني الذكاء الاصطناعي العام من التعب أو الاحتياجات البيولوجية، ويمكنه التعلُّم والمعالجة بشكل دائم وبسرعات غير مسبوقة. إن تطوير عقول صناعية قادرة على التعلُّم وحل المشكلات المعقدة من شأنه أن يُحدث ثورة في العديد من الصناعات، مع تسارع اعتماد الذكاء الاصطناعي لأداء مهام كانت حكرًا على القدرات البشرية سابقًا.
تخيَّل سيارة ذاتية القيادة تعمل بالذكاء الاصطناعي العام (AGI). لا تكتفي باصطحاب راكب من المطار والقيادة في طرق غير مألوفة بل تتكيّف مع المحادثة في الوقت الفعلي. وتُجيب عن أسئلة تتعلق بالثقافة المحلية والجغرافيا، وتُخصص الإجابة حسب اهتمامات الراكب بل وتُوصي بمطاعم بناءً على تفضيلات الراكب وشعبيتها الحالية وإذا كان الراكب قد استخدم السيارة من قبل، فإن الذكاء الاصطناعي يمكنه الرجوع إلى المحادثات السابقة لتخصيص التجربة بشكل أعمق، بل وحتى اقتراح أماكن زارها الراكب وأعجبته في الماضي
تتميز أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل LaMDA وGPT-3 بقدرتها على توليد نصوص بجودة بشرية، وإنجاز مهام محددة، وترجمة اللغات حسب الحاجة، وإنشاء أنواع مختلفة من المحتوى الإبداعي. ورغم أن هذه النماذج اللغوية الكبيرة قد تبدو مشابهة لها في بعض الأحيان، من المهم أن نفهم أنها ليست الآلات الواعية التي وعدت بها قصص الخيال العلمي..
تُنجز هذه المهام من خلال مزيج من الخوارزميات المتقدمة ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP) ومبادئ علوم الكمبيوتر. تُدرَّب هذه النماذج اللغوية الكبيرة مثل ChatGPT على كميات هائلة من البيانات النصية، ما يمكّنها من تمييز الأنماط والعلاقات الإحصائية داخل اللغة. وتُسهم تقنيات معالجة اللغة الطبيعية في تمكينها من فهم دلالات اللغة البشرية، بما في ذلك القواعد اللغوية والتركيب والسياق. من خلال استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي المعقدة وأساليب علوم الكمبيوتر، تستطيع هذه الأنظمة توليد نصوص شبيهة بالنصوص البشرية، وترجمة اللغات بدقة مبهرة، وإنتاج محتوى إبداعي يحاكي أنماطًا متنوعة.
غالبًا ما يُطلق على الذكاء الاصطناعي اليوم، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي، اسم الذكاء الاصطناعي المحدود، وهو يبرع في تحليل مجموعات البيانات الضخمة، وتطبيق الأتمتة على مهام سير العمل، وتوليد نصوص بجودة بشرية. ومع ذلك، تفتقر هذه الأنظمة إلى الفهم الحقيقي، ولا يمكنها التكيّف مع الحالات الخارجة عن نطاق تدريبها. ويُبرز هذا القصور الفارق الكبير بين الذكاء الاصطناعي الحالي وإمكانات الذكاء الاصطناعي العام (AGI).
ورغم أن التقدم في المجال مشوّق، فإن القفزة من الذكاء الضعيف إلى الذكاء العام العام تُعد تحديًا هائلًا. يستكشف الباحثون مفاهيم مثل الوعي الاصطناعي وحل المشكلات العامة والتفكير المنطقي داخل الآلات. وبينما لا يزال الجدول الزمني لتطوير ذكاء اصطناعي عام حقيقي غير مؤكد، يمكن للمؤسسات الاستعداد للتقدم المستقبلي من خلال بناء بنية تحتية تقنية قوية تستند إلى البيانات منذ الآن.
نظرًا لأن الذكاء الاصطناعي العام لا يزال مفهومًا نظريًا، فإن تحديد مجموعة التقنيات الدقيقة التي تحتاجها المنظمات أمر معقد. ومع ذلك، إذا تم تطوير الذكاء الاصطناعي العام باستخدام اللبنات الأساسية نفسها التي يعتمد عليها الذكاء الاصطناعي المحدود، فمن المرجّح أن تكون بعض الأدوات والتقنيات الحالية ضرورية في تبنيه.
لا تزال الطبيعة الدقيقة للذكاء العام في الذكاء الاصطناعي العام موضوع نقاش بين الباحثين في الذكاء الاصطناعي. ويقترح بعض الباحثين، مثل Goertzel وPennachin، أن الذكاء الاصطناعي العام سيملك فهمًا وتحكمًا ذاتيين. زعمت Microsoft وOpenAI أن قدرات GPT-4 تقترب بشكل لافت من الأداء البشري. إلا أن معظم الخبراء يصنّفون هذا النموذج على أنه نموذج قوي من الذكاء الاصطناعي المحدود.
تُظهر التطورات الحالية في الذكاء الاصطناعي قدرات مبهرة في مجالات محددة. فالسيارات ذاتية القيادة تتقن التنقل على الطرق، وأجهزة الكمبيوتر الخارقة مثل IBM Watson يمكنها تحليل كميات هائلة من البيانات. ومع ذلك، تظل هذه التطبيقات أمثلة على الذكاء الاصطناعي المحدود. تؤدي هذه الأنظمة أداءً متميزًا ضمن نطاقاتها المحددة، لكنها تفتقر إلى مهارات حل المشكلات العامة المتوقعة في الذكاء الاصطناعي العام.
ومع تنوع التوقعات بشأن موعد وصول الذكاء الاصطناعي العام، والتي تتراوح بين عام 2030 إلى 2050 وما بعده، من الضروري إدارة التوقعات والبدء في الاستفادة من قيمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحالية. على الرغم من وجود بعض التحفظات لدى القادة بشأن فوائد الذكاء الاصطناعي الحالي، فإن المؤسسات تستثمر بنشاط في نشر الذكاء الاصطناعي التوليدي، مع زيادات كبيرة في الميزانيات، وتوسيع حالات الاستخدام، وتحويل المشاريع من مرحلة التجريب إلى الإنتاج.
وفقًا لتقرير صادر عن Andreessen Horowitz، بلغ متوسط الإنفاق على واجهات برمجة التطبيقات الخاصة بنماذج الأساس (APIs)، والاستضافة الذاتية، وضبط النماذج لدى الشركات المشمولة في الاستطلاع 7 ملايين دولار أمريكي في عام 2023. وقد أفاد جميع المشاركين تقريبًا بتحقيق نتائج واعدة مبكرة من تجارب الذكاء الاصطناعي التوليدي، وخططوا لزيادة الإنفاق في عام 2024 لدعم أحمال التشغيل الإنتاجية. ومن اللافت أن عام 2024 يشهد تحولًا في التمويل من خلال بنود البرمجيات، حيث يخصص عدد أقل من القادة ميزانيات من صناديق الابتكار، في إشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي بات سريعًا من التقنيات الأساسية.
على نطاق أصغر، تقوم بعض المنظمات بإعادة تخصيص ميزانيات الذكاء الاصطناعي التوليدي نحو توفير التكاليف في عدد الموظفين، لا سيما في خدمات العملاء. وقد أفادت إحدى المنظمات بأنها وفّرت ما يقارب 6 دولارات أمريكية لكل مكالمة تم التعامل معها عبر نظام خدمة عملاء يعمل بالنموذج اللغوي الكبير، ما يعادل تخفيضًا في التكاليف بنسبة 90%، وهو ما يُعد مبررًا قويًا للاستثمار المتزايد في الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وعلاوة على توفير التكاليف، تسعى المؤسسات إلى طرق ملموسة لقياس عائد الاستثمار (ROI) في الذكاء الاصطناعي التوليدي، من خلال التركيز على عوامل مثل توليد الإيرادات، وتوفير التكاليف، وزيادة الكفاءة، وتحسين الدقة، وذلك بحسب حالة الاستخدام. من الاتجاهات الرئيسية اعتماد نماذج متعددة في بيئة الإنتاج. ويقوم هذا النهج على دمج عدة نماذج ذكاء اصطناعي للاستفادة من نقاط القوة المختلفة لكل نموذج وتحسين المخرجات النهائية. كما يتيح هذا التوجّه تخصيص الحلول بما يتناسب مع حالات الاستخدام المحددة، وتجنّب الاعتماد الكامل على مزوّد واحد، والاستفادة من التقدم السريع في هذا المجال.
وقد أظهر 46٪ من المشاركين في الاستطلاع لعام 2024 تفضيلهم النماذج مفتوحة المصدر. ورغم أن التكلفة لم تكن الدافع الأساسي، فإن ذلك يُظهر قناعة متزايدة بأن القيمة المتولدة من الذكاء الاصطناعي التوليدي تبرر تكلفته. ويُبرز هذا التوجه أن عقلية القادة التنفيذيين بدأت تعي أن الحصول على إجابة دقيقة يستحق الاستثمار المالي.
ولا تزال المؤسسات تبدي اهتمامًا بتخصيص النماذج، لكن مع توافر نماذج مفتوحة المصدر عالية الجودة، فإن معظمها يفضّل عدم تدريب النماذج اللغوية الكبيرة من الصفر. وبدلاً من ذلك، تلجأ المؤسسات إلى التوليد المعزز بالاسترجاع (RAG) أو إلى ضبط النماذج مفتوحة المصدر بما يلائم احتياجاتها الخاصة.
وتُظهر البيانات أن 72٪ من المؤسسات التي تستخدم واجهات برمجة التطبيقات (APIs) للوصول إلى النماذج تعتمد على نماذج مستضافة لدى مزودي خدمات السحابة. كما أن التطبيقات التي لا تعتمد فقط على النماذج اللغوية الكبيرة في توليد النصوص، بل تدمجها مع تقنيات أخرى لإنشاء حلول شاملة وإعادة تصميم مهام سير العمل المؤسسية واستخدام البيانات المملوكة، تحقق أداءً قويًا في السوق.
استكشفت شركة Deloitte القيمة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي التوليدي لدى أكثر من 2,800 من قادة الأعمال. وفيما يلي بعض المجالات التي لاحظت فيها المنظمات عائدًا على الاستثمار:
ويمثل نقص المهارات في تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي عقبة رئيسية. لذا، من المرجّح أن تحقّق الشركات الناشئة التي توفر أدوات تُبسّط تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي الداخلي معدلات تبنٍ أسرع، نتيجة لصعوبة استقطاب الكفاءات المناسبة داخل المؤسسات.
ورغم أن الذكاء الاصطناعي العام (AGI) يعد بتقديم استقلالية للآلات تتجاوز قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن حتى أكثر الأنظمة تطورًا لا تزال بحاجة إلى الخبرات البشرية لتعمل بكفاءة. بناء فريق داخلي يمتلك مهارات في الذكاء الاصطناعي، والتعلم العميق، والتعلم الآلي (ML)، وعلوم البيانات، يُعد خطوة استراتيجية. والأهم من ذلك، أنه بغض النظر عن قوة الذكاء الاصطناعي، سواء كان ضعيفًا أو قويًا، فإن علماء البيانات، ومهندسي الذكاء الاصطناعي، وعلماء الكمبيوتر، والمتخصصين في التعلم الآلي يُعدّون عناصر أساسية في تطوير هذه الأنظمة ونشرها.
ومن المؤكد أن مجالات الاستخدام هذه ستتطور مع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي. لكن من خلال التركيز على هذه المجالات الجوهرية، يمكن للمنظمات أن تهيّئ نفسها للاستفادة من قوة التطورات في الذكاء الاصطناعي عند حدوثها.
رغم أن الذكاء الاصطناعي قد حقّق تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، فإن الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام الحقيقي، أي آلات بذكاء على مستوى الإنسان، لا يزال يتطلب تجاوز عقبات كبيرة. فيما يلي 7 مهارات أساسية لا يزال الذكاء الاصطناعي الحالي يواجه صعوبة في التعامل معها، والتي سيكون على الذكاء الاصطناعي العام إتقانها:
عند تحقيق الذكاء الاصطناعي العام فعليًا، بعد أن كان مفهومًا نظريًا، ستكون تطبيقاته واسعة النطاق. إليك بعض الأمثلة على كيفية إحداث تقنية الذكاء الاصطناعي العام نقلة نوعية في مختلف الصناعات:
تخيّل نظام خدمة عملاء يعمل بالذكاء الاصطناعي العام. سيتمكن من الوصول إلى كمّ هائل من بيانات العملاء، ويقوم بدمجها مع تحليلات لحظية لتقديم خدمة فعّالة ومخصصة. من خلال إنشاء ملف تعريف شامل للعملاء يشمل (التركيبة السكانية والتجارب السابقة والاحتياجات وعادات الشراء)، يمكن للذكاء الاصطناعي العام أن يتبنأ بالمشكلات، ويخصص الردود، ويقترح الحلول المناسبة، بل ويتنبأ بالأسئلة اللاحقة.
مثال: تخيّل أفضل تجربة لخدمة العملاء مررت بها على الإطلاق يمكن للذكاء الاصطناعي العام أن يقدّم هذه التجربة من خلال نظام إدراك يتنبأ بالمشكلات المحتملة، ويستخدم تحليل نبرة الصوت لفهم مزاج العميل بشكل أفضل، ويملك ذاكرة قوية يمكنها تذكّر أدق التفاصيل التي تُسهم في حل المشكلات. ومن خلال فهمه لفروق اللغة البشرية الدقيقة، يمكن للذكاء الاصطناعي العام إجراء محادثات هادفة، ومعالجة قضايا معقدة، والتنقل بين خطوات استكشاف الأخطاء وإصلاحها. كما أن ذكاءه العاطفي يمكّنه من تكييف أسلوب التواصل ليكون متعاطفًا وداعمًا، ما يخلق تفاعلًا أكثر إيجابية بالنسبة للعميل.
لا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي العام على تحليل التعليمات البرمجية، بل يفهم منطق وأهداف قواعد التعليمات البرمجية الموجودة، ويقترح تحسينات، ويولّد تعليمات برمجية جديدة بناءً على مواصفات بشرية. ويمكنه تعزيز الإنتاجية من خلال فهم مدمج للبنية والاعتماديات وسجل التغييرات.
مثال: أثناء تطوير ميزة للتجارة الإلكترونية، يقول المبرمج للذكاء الاصطناعي العام: "أحتاج إلى دالة لحساب تكاليف الشحن بناءً على الموقع والوزن وطريقة الشحن." فيقوم الذكاء الاصطناعي العام بتحليل التعليمات البرمجية ذات الصلة، ويولّد دالة أولية مرفقة بتعليقات توضح منطقها، ويتيح للمبرمج مراجعتها وتحسينها ودمجها.
تعتمد الأنظمة الحالية مثل المركبات ذاتية القيادة على خرائط مبرمجة مسبقًا وأجهزة استشعار. أما الذكاء الاصطناعي العام، فلا يكتفي بإدراك البيئة المحيطة، بل يفهمها. إذ يمكنه تحليل البيانات الفورية من الكاميرات وLiDAR وأجهزة استشعار أخرى لتحديد الأجسام، وتقييم المخاطر، والتنبؤ بالتغيرات البيئية مثل الأحوال الجوية المفاجئة أو العوائق غير المتوقعة. وبخلاف الأنظمة الحالية ذات خيارات الاستجابة المحدودة، يمكن للذكاء الاصطناعي العام اتخاذ قرارات معقّدة في الوقت الفعلي.
وقد يأخذ في الاعتبار عوامل مثل تدفّق حركة المرور، والظروف الجوية، وحتى المخاطر المحتملة خارج نطاق أجهزة الاستشعار. كما لا تقتصر أنظمته على مسارات مبرمجة مسبقًا، بل يمكنها التعلُّم من التجارب، والتكيّف مع الظروف الجديدة، واستكشاف أماكن غير مأهولة. تخيّل مركبات استكشاف مستقلة تتنقّل عبر أنظمة كهوف معقدة، أو طائرات مسيّرة تساعد في مهام البحث والإنقاذ في بيئات دائمة التغيّر.
مثال: تواجه سيارة ذاتية القيادة مدعومة بالذكاء الاصطناعي العام ازدحامًا مروريًا غير متوقّع في مسارها المعتاد. بدلاً من اتباع تعليمات مبرمجة، يحلل الذكاء الاصطناعي العام بيانات المرور الفعلية من مركبات أخرى متصلة. ثم يحدد الطرق البديلة، مع مراعاة عوامل مثل المسافة ووقت الرحلة المقدر والمخاطر المحتملة مثل مناطق الإنشاءات. ثم يختار الطريق الأكثر كفاءة وأمانًا في الوقت الفعلي، ويُبقي الركاب على اطلاع كامل، ويوفّر لهم تجربة سلسة.
تظلّ الكميات الهائلة من البيانات الطبية المتولّدة اليوم إلى حدّ كبير غير مستغلة. يمكن للذكاء الاصطناعي العام تحليل الصور الطبية، والسجلات الصحية، والبيانات الجينية لاكتشاف أنماط دقيقة قد تغيب عن ملاحظة البشر. ومن خلال تحليل البيانات التاريخية والاتجاهات الطبية، قد يتنبأ الذكاء الاصطناعي العام باحتمالية إصابة مريض معين بأمراض مستقبلية بناءً على بياناته الشخصية. قد يحلل الذكاء الاصطناعي العام (AGI) أيضًا البنية الجينية للمريض وتاريخه الطبي لتخصيص خطط العلاج. هذا النهج الشخصي قد يؤدي إلى علاجات أكثر فاعلية وبآثار جانبية أقل.
مثال: مريض يزور طبيبًا وهو يعاني من أعراض مقلقة. يرفع الطبيب السجل الطبي للمريض ونتائج التحاليل الحديثة إلى نظام تحليل طبي مدعوم بالذكاء الاصطناعي العام. يقوم الذكاء الاصطناعي العام بتحليل البيانات ويكتشف طفرة جينية نادرة مرتبطة بمرض معين. تُعد هذه المعلومة ذات أهمية بالغة للطبيب، إذ تتيح له التشخيص بشكل أدق ووضع خطة علاج مخصصة، ما قد يُحسّن النتائج الصحية للمريض.
تخيّل مُعلّمًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي العام لا يقدّم المعلومات فحسب، بل يُخصص تجربة التعلُّم. قد يقوم الذكاء الاصطناعي العام بتحليل أداء الطالب، وأسلوبه في التعلُّم، ونقاط ضعفه، لبناء مسار تعليمي مخصص. لن يُعامَل جميع الطلاب بالطريقة نفسها. فقد يُعدل الذكاء الاصطناعي العام سرعة وصعوبة المحتوى في الوقت الفعلي بناءً على فهم الطالب. هل يواجه الطالب صعوبة في مفهوم ما؟ يقدّم الذكاء الاصطناعي العام تفسيرات إضافية وأمثلة توضيحية. هل أتقن الطالب الموضوع؟ يمكنه تقديم مواد أكثر تقدمًا وتحديًا. قد يتجاوز الذكاء الاصطناعي العام حدود المحاضرات والكتب الدراسية فيُنشئ محاكاة تفاعلية، وتمارين مخصصة، وتجارب تعلم مُحفَّزة بالألعاب للحفاظ على تحفيز الطلاب وتفاعلهم.
مثال: يواجه طالب صعوبة في فهم مفهوم رياضي معقّد. يكتشف المُعلّم المدعوم بالذكاء الاصطناعي العام موطن الصعوبة ويُعدل نهجه. فبدلًا من محاضرة تقليدية، يعرض المفهوم بصورة مرئية من خلال محاكاة تفاعلية، ويقسمه إلى خطوات صغيرة قابلة للفهم. يتدرب الطالب من خلال تمارين مخصصة تستهدف نقاط ضعفه المعرفية، ويقدّم له الذكاء الاصطناعي العام ملاحظات مشجّعة طوال العملية.
قد يُحدث الذكاء الاصطناعي العام ثورة في مجال التصنيع من خلال تحسين كل خطوة من خطوات العملية. عن طريق تحليل كميات ضخمة من البيانات من أجهزة الاستشعار المنتشرة في خط الإنتاج، يمكنه تحديد مواطن الاختناق، واقتراح تعديلات على إعدادات الآلات، وتحسين جداول الإنتاج في الوقت الفعلي لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة. ومن خلال تحليل البيانات التاريخية وقراءات أجهزة الاستشعار، يستطيع الذكاء الاصطناعي العام التنبؤ بأعطال المعدات قبل حدوثها. هذا النهج الاستباقي يجنّب فترات التعطّل المكلفة، ويساهم في الحفاظ على استمرارية التشغيل بسلاسة. ومع تولّي الذكاء الاصطناعي العام إدارة شبكات لوجستية معقدة في الوقت الفعلي، يمكنه تحسين طرق التوصيل، والتنبؤ بالتأخيرات المحتملة، وتعديل مستويات المخزون لضمان التسليم في الوقت المناسب، مما يُقلّل من الهدر وتكاليف التخزين.
مثال: تخيّل نظامًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي العام يراقب خط تجميع في مصنع. يرصد النظام اهتزازًا طفيفًا في آلة أساسية، ما يشير إلى تآكل محتمل. يُحلل الذكاء الاصطناعي العام البيانات التاريخية ويتنبأ بفشل محتمل خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة. يُنبه فريق الصيانة لمعالجة المشكلة بشكل استباقي قبل أن تؤثر على الإنتاج. وهكذا تستمر العمليات بسلاسة وكفاءة، ويتم تجنّب تكاليف التعطّل غير المتوقعة.
قد يُحدث الذكاء الاصطناعي العام (AGI) ثورة في التحليل المالي من خلال تجاوز الأساليب التقليدية. قد يتمكّن الذكاء الاصطناعي العام (AGI) من تحليل مجموعات بيانات ضخمة تشمل الأخبار المالية، ورأي المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي، بل وحتى صور الأقمار الصناعية لتحديد اتجاهات السوق المعقّدة والاضطرابات المحتملة التي قد تغيب عن محللي البيانات البشريين. هناك بالفعل شركات ناشئة ومؤسسات مالية بدأت باستخدام نُسخ محدودة من مثل هذه التقنيات.
وبفضل قدرته على معالجة كميات هائلة من البيانات التاريخية، قد يتمكن الذكاء الاصطناعي العام من بناء نماذج مالية أكثر دقة لتقييم المخاطر واتخاذ قرارات استثمارية أكثر استنارة. وقد يقوم بتطوير وتنفيذ خوارزميات تداول معقّدة تأخذ بعين الاعتبار بيانات السوق، والأخبار الفورية، والآراء المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، يبقى الإشراف البشري ضروريًا لاتخاذ القرار النهائي والنظر في الجوانب الأخلاقية.
مثال: يستخدم صندوق تحوّطي نظامًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي العام لتحليل الأسواق المالية. يرصد النظام تغيرًا طفيفًا في الآراء المتداولة على وسائل التواصل تجاه قطاع معيّن ويحدّد احتمال حدوث تراجع. يُحلل الذكاء الاصطناعي العام البيانات التاريخية والمقالات الإخبارية، ويؤكّد احتمالية تصحيح في السوق. بفضل هذه المعلومات، يمكن لمدير الصندوق اتخاذ قرارات مدروسة لتعديل المحفظة الاستثمارية وتخفيف المخاطر.
قد يُحلل الذكاء الاصطناعي العام مجموعات ضخمة من البيانات والأبحاث العلمية المنشورة، ويصيغ فرضيات جديدة، ويصمّم تجارب علمية على نطاق غير مسبوق، مما يُسهم في تسريع الاختراقات العلمية في مختلف المجالات. تخيّل وجود شريك علمي قادر على فحص البيانات وتوليد أفكار مبتكرة من خلال تحليل أدقّ الأنماط والروابط في الأبحاث والبيانات العلمية التي قد تغيب عن الباحثين البشريين. قد يؤدي ذلك إلى صياغة فرضيات جديدة تمامًا وفتح مسارات بحث غير مسبوقة.
وبفضل قدرته على محاكاة الأنظمة المعقّدة وتحليل كميات ضخمة من البيانات، يمكن للذكاء الاصطناعي العام تصميم تجارب متطورة بكفاءة عالية. وهذا يتيح للعلماء اختبار الفرضيات بشكل أسرع واستكشاف آفاق بحثية لم تكن ممكنة سابقًا. وقد يعمل الذكاء الاصطناعي العام دون انقطاع، لمساعدة الباحثين على تنقيح البيانات، وإدارة المحاكاة المعقّدة، واقتراح اتجاهات بحث جديدة. هذا التعاون سيُسهم بشكل كبير في تسريع وتيرة التقدّم العلمي.
مثال: يعمل فريق من علماء الفلك على دراسة تكوّن المجرات في بدايات الكون. يُحلل الذكاء الاصطناعي العام بيانات ضخمة من التلسكوبات والمحاكاة الفلكية. ويكتشف وجود ارتباط دقيق بين توزيع المادة المظلمة وتكوّن عناقيد النجوم. استنادًا إلى ذلك، يقترح الذكاء الاصطناعي العام فرضية جديدة حول تكوّن المجرات، ويوصي بسلسلة من المحاكاة المتقدمة لاختبار صحتها. تُمهّد هذه المعرفة الطريق لفهم أعمق لأصول الكون.
يُعد الذكاء الاصطناعي العام تقنية مؤثرة ستُغيّر جذريًا طريقة عمل الصناعات، مثل الرعاية الصحية أو التصنيع. تستثمر شركات التكنولوجيا الكبرى والمختبرات البحثية موارد هائلة في تطويره، مع وجود مقاربات متعددة لمحاولة الوصول إلى ذكاء بشري حقيقي في الآلات. إليك بعض المجالات الأساسية التي يتم استكشافها:
يشهد مجال أبحاث الذكاء الاصطناعي العام (AGI) تطوّرًا مستمرًا. وهذه مجرد أمثلة لبعض المناهج المستكشفة. ومن المحتمل أن يؤدي الجمع بين هذه التقنيات أو الأساليب الجديدة تماما في النهاية إلى الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام.
قد يبدو الذكاء الاصطناعي العام حتى الآن أشبه بالخيال العلمي، لكن يمكن للمؤسسات أن تبدأ بالاستعداد للمستقبل من خلال بناء استراتيجية للذكاء الاصطناعي عبر IBM watsonx، مجموعة من منتجات الذكاء الاصطناعي تُسهم في تسريع تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على مهام سير العمل الأساسية لتعزيز الإنتاجية. يمكنك تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي والتحقق من صحتها وضبطها ونشرها لمساعدتك على زيادة قابلية توسيع نطاق تأثير الذكاء الاصطناعي وتسريعه باستخدام بيانات موثوق بها عبر أعمالك المختلفة.
IBM web domains
ibm.com, ibm.org, ibm-zcouncil.com, insights-on-business.com, jazz.net, mobilebusinessinsights.com, promontory.com, proveit.com, ptech.org, s81c.com, securityintelligence.com, skillsbuild.org, softlayer.com, storagecommunity.org, think-exchange.com, thoughtsoncloud.com, alphaevents.webcasts.com, ibm-cloud.github.io, ibmbigdatahub.com, bluemix.net, mybluemix.net, ibm.net, ibmcloud.com, galasa.dev, blueworkslive.com, swiss-quantum.ch, blueworkslive.com, cloudant.com, ibm.ie, ibm.fr, ibm.com.br, ibm.co, ibm.ca, community.watsonanalytics.com, datapower.com, skills.yourlearning.ibm.com, bluewolf.com, carbondesignsystem.com